في طريق طويل شبه خال إلّا من بعض وسائل النّقل الّتي تمرّ كالسّهم ... غير عابئة بما يمكن أن يعترضها من البشر أو الدّواب ... والدّليل أنّنا من حين لآخر تعترضنا شاة أو كلب قد صدمته سيّارة ولكن الدّليل الأكبر على غياب الضّمير في غياب وسيلة الرّدع القانوني هو الظّهور المفاجئ لشاحنة نقل بضائع خرجت من إحدى المسالك الرّيفيّة وجعلت تسير أمامنا في وسط الطّريق ثم يفاجئنا سائقها إمّا بالتنقّل إلى اليمين أو إلى اليسار دون سابق إنذار وكان يتعمّد أن يسير ببطئ شديد ثم يتحوّل إلى أقصى سرعة ويخفّضها فجأة فنضطرّ لأن نضغط على الفرامل لتجنّب الاصطدام أمّا إذا أردنا أن نتجاوزه فهو يسدّ علينا الطّريق مستعملا السّير الّلولبي ... كلّ هذا وأنا أراه من مرآة الشّاحنة وهو يضحك مزهوّا ويقوم بحركات بواسطة وجهه تدعو للإستغراب ... توتّرت كثيرا ممّا يقع وأوجست خيفة وأغمضت عينيّ طلبا لقليل من الاسترخاء وأنا أردّد بعض السّور القرآنية راجية من الله أن يحمينا من هذا الرّجل الغير مسؤول ويبدو أنّي قد غفوت لثوان وأنا أواصل قراءة القرآن وإذا بي أصحو على صوت فرامل السّيّارة وصراخ من كانوا معي وسمعت أخي يحمد الله ونظرت خارج السيّارة وإذا بالشّاحنة قد خرجت من المعبّد وكادت تنقلب ويبدو أنّ السّائق قد فقد السّيطرة على المقود .... واصلنا طريقنا وأن أحمد الله على نعمة القرآن .
نسيمة اللجمي
تونس