قصّة ورأي
قرأت قصة الأستاذ أحمد سلام وهي قصة قصيرة جدا تطرق فيها صاحبها إلى موضوع حساس ومهم ..رأيت أن أتناول الموضوع بالتحليل انطلاقا من القصة وهي بعنوان مبادرة .
مبادره.
بعد خمس سنوات من الزواج، قالت له أريدك.
اتهمها بخدش الحياء العام.
..........................
وقفت أمام القصة ..أقرأها وأعيد قراءتها ...وأحاول أن أقتحم أغوارنفسية هذا الزوج ولم بكن الأمر صعبا وأدركت وأنا أستعرض بعض ما رأيت وما سمعت وما قرأت عن المجتمعات العربية وما يتحكم بها من أعاجيب الفكر العربي التقليدي...أنه لا يفعل هذا إلا رجل لا يحب زوجته مع العلم وأن الرجل لا يستطيع أن يعيش بدون كلام حب ورومانسيات على خلاف ما يشاع ان المراة فقط تحب هذا الامر ... إلا أن بعض النساء يقبلن بهذا الكلام وان كان بدون حب وذلك لارضاء غرورهن او لسد نقص يشعرن به ...واني اقول لكل امراة إن في ذلك إهانة لك واذكرها بالمثل الذي أول من قاله "الحارث بن سليل الأسَدِي"......" تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها " وأعود الى الرجل الذي يحب هذا الامر لكنه يحبه من امرأة يحبها ......لذلك نجد الزوج في هذه القصة يتهم زوجته عمدا ليتخلص منها ويبعدها عنه ... الا اني اريد ان اعرج عن امر اخر وهو ان الرجل العربي لم يتعود من المراة بالمبادرة في هذا الشأن بالذات ويعتبر المبادرة قلة حياء ورعونة منها وفساد تربية ....... وأعود إلى هذه الزوجة التي اضطرت الى الطلب إنما فعلت بسبب بعد زوجها عنها وانشغاله عنها وكيف يفوتها أن الرجل له حاجة ملحة لا يستطيع معها صبرا .... و كيف لم تتساءل عن سبب إهمال زوجها لها ؟ ...ولماذا لم تحاول أن تبحث عن سبب عزوفه عنها ..؟ .ولم لم تفتح معه نقاشا حول الموضوع ؟ ..... هذا لأنها امرأة تنقصها الثقافة الصحيحة والاطلاع حتى وإن كانت صاحبة شهائد علمية ......ونجدها للأسف في غياب الوعي قد ابتذلت نفسها لما قالت "أريدك " قالتها صراحة وقد اختفى لديها ذكاء حواء الذي اشتهرت به المرأة ...وإني أعاتبها بلطف لأن الحياة الزوجية لها قوانينها التي لا تجعل أحد الزوجين يرخص نفسه أمام الآخر ...كما أنه من الغريب جدا ان تتم العلاقات الحميمية بين الزوجين بالعرض والطلب ...كم هذا مهين للكرامة وكم هذا يسيء للعلاقة الزوجية .... وتعودنا ان نتهم المراة بالتقصير كلما ذهب الزوج الى غيرها وهذا ليس دائما صحيحا ...لان الرجال يختلفون من رجل لاخر فهناك الأليف المخلص المحب الذي يتفانى ويفنى في حب زوجته وبيته وتكفيه زوجة واحدة روحيا وفيزيولوجيا ....وهناك من رغم حبه لزوجته الا انه يريد امراة اخرى لانه يحب الاحساس بالعشق خارج اطار الزواج او بالزواج وهناك من يريد ان يتزوج اربعة لان حاجته الفيزيولوجية تدعوه لذلك وهناك من لا يقتنع ابدا ولا يقنع فتجده يدمن على تطليق واحدة من الاربعة ليتزوج اخرى لانه ملول ولا يحفظ العشرة و احساسه المادي تفوّق كثيرا على عقله وروحه ولانه يعاني من مشكلة مع جسده الذي يقوده وغريزته التي تملي عليه تصرفاته ..كما ان للمال احيانا دورا في تنقل الرجل من امراة لاخرى لان هذا الامر يتطلب نفقات كثيرة .....انني وانا احلل هذه القصة القصيرة استحضر نماذج من المجتمع ولم اذكر كلمة واحدة من خيالي ولا اذكر الاسماء فإن للناس حرمات وتحتم علينا الامانة ان لا نفشي الاسرار ومعها الاسماء غير ان المجتمع العربي يزدحم بمثل هذه المشاكل والقصص ......والغريب اننا لا نعطيها قيمة رغم ان العلوم على اختلافها خاصة منها الاجتماعية واالنفسية تؤكد جدا على ضرورة استقرار الحياة الجنسية لدى الفرد وقد سبقهم الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال " من استطاع منكم الباءة فاليتزوج" ..والباءة هي المقدرة المادية والجسدية ... وهذا لما فيه من استقرار نفساني وجسدي على الفرد حتى اننا نجد ان من تأخر به الزواج يصاب بالمرض الذي يتمثل في القلق النفسي والوهن الجسدي من شدة التفكير ومن شدة الرغبة الملحة المقموعة ...لهذا لا داعي لان نجعل الحياء سببا يمنعنا من مناقشة الامر لانه عامل جدي جدا في تدمير صحة الانسان واستقراره النفساني كما انه اساسي في توازن الانسان الصحي جسدا وفكرا ونفسا ...وتجدر الملاحظة ان المراة لا تختلف عن الرجل في احاسيسها ورغباتها الا ان الله كرمها بالحياء المقترن بالذكاء فنجدها تاخذ من زوجها كل ما تريد دون ابتذال لنفسها العزيزة وكرمها بالصبر وكرمها الله ايضا حين جعلها لا تألف الا زوجا واحدا ولا تبغي له بديلا ولله في حكمه شؤون.. واخيرا اختم تحليلي هذا المتواضع بقولي : ان الحب الصادق هو الحل .....فلا تتزوجوا الا عن حب كبير .....
نسيمة الهادي اللجمي
صفاقس ..تونس