كأيّ امرأة عربيّة عانت عائشة الوحدة في حضور الزّوج ...وكأيّ امرأة عربيّة علّموها أنّ الحياة هي تضحية وعطاء دون مقابل ...وهبت عائشة حياتها وما فيها لأسرتها ...كبر الأبناء وتزوّجوا وغاب الزّوج فعلا هذه المرّة ..واصلت عائشة حياتها وحيدة كما بدأتها , لكنّ زائرا بغيضا أبى إلّا أن يشاركها وحدتها فأقعدها في الفراش وأعجزها عن القيام بشؤونها , صارت عائشة تتنقّل بين بيوت أبنائها في كلّ بيت تقيم أسبوعين ...كم كان هذا مؤلما لعائشة ...وكم هو مهين أن لا تجد الأمّ أحد أبنائها يستعدّ أن يتحملّها أكثر من نصف شهر .......وخلال إقامتها في بيت ابنتها وكان المرض قد اشتدّ بها ...كان أفراد العائلة يتسامرون ويتجاذبون أطراف الحديث فتشاركهم بإماءة من رأسها أو ابتسامة ....وجعل حفيدها يمزح ويحاول أن يرفّه عن الحاضرين , فذكر طرفة ما إن سمعتها حتّى انخرطت عائشة في ضحك طويل لم يتوقّف إلّا على صوت شخير ضعيف صدر منها ثم صمتت فجأة واسترخى جسدها وتهاوت على الفراش ....وماتت عائشة وهي تضحك .
نسيمة اللجمي
تونس