أركان الأديبة نسيمة اللجمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


إسلامي .. أدبي .. ثقافي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحباً بكم في الموقع الرسمي للأديبة التونسية : نسيمة الهادي اللجمي

 

 رفيقة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نسيمة اللجمي
عضوية رقم (1)
عضوية رقم (1)
نسيمة اللجمي


انثى
عدد المساهمات : 1138
الموقع : أركان الأديبة نسيمة اللجمي
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : معلمة
المزاج : الحمد لله

رفيقة Empty
مُساهمةموضوع: رفيقة   رفيقة I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 18, 2014 5:44 pm



عدتّ للتوّ من عند رفيقة , أحمل ألما أحسبه أملا
أنا و رفيقة ...ولدنا في نفس الزّمان , ضمّنا نفس المكان : "المدينة العتيقة " , والأمّ حوّاء والأب آدم ....
و في سنّ العاشرة انتقلنا للسّكن قرب البحر .
رفيقة ذات جمال يبهرك باختلافه عمّا تعوّدت عليه عيناك ...... ربّما لأنّ رفيقة لا تضع أصباغا ..ربّما هي روحها الجميلة ..والبراءة على وجهها تلك البراءة الّتي صار أطفال هذا الزّمان يفتقدونها بشدّة ........
رفيقة ...واصلت تعليمها الجامعي وانقطعت أنا ... ولم تنقطع علاقتنا يوما واحدا.....أنا ورفيقة نحبّ بصدق ونخلص بدون حدود .
اليوم ...حين فتحت لي رفيقة الباب وجدّتها تتصبّب عرقا وقد لمع بريق عينيها السّوداويتين وسط وجه مستدير متورّد الخدين تنسدل على جبينها النّقيّ خصلات شعر ناعم ظلّ أسودا رغم تجاوزها العقد الخامس...لكنّ قلب لطيفة الجميل كان يبدو على وجهها اللّطيف ويطلّ من عينيها مبتسما ...فيحذف من عمرها عشر سنوات هكذا يقول كلّ من عرفها ...قلت لرفيقة وقد شرح مشهدها قلبي : لا تزالين بكامل جمالك يا صديقتي ..ابتسمت وقالت في هذا السّن ؟ قلت إيّاك أن تعلني عن هذا السّنّ فليبق سرّا وإلاّ فأنت ستصابين بالحسد .
لقد هالني اليوم ما رأيته من تعبها وقلت لها : كيف تعرّضين حياتك للخطر ..ألم يحذّرك الطّبيب من الإرهاق ؟ هزّت رأسها وقالت في نبرة يأس شديد : لا أحد يموت قبل أجله ...سألتها : وأين زوجك ؟ لم لا يساعدك ؟ , نظرت إليّ نظرة لوم وقالت : وهل أنت تعرفين عنه هذا الأمر الجميل ؟ .. ثمّ أردفت : إنّه نائم . قلت : السّاعة الحادية عشر ونصف , تهلّل وجهها وقالت : كلّما رأيته نائما ثمّ يستيقظ فيهرول إلى المقهى وإلى أماكن أخرى لا أعرفها ثمّ يعود في آخر الّليل إلاّ وأحمد الله أنّي أنجبت ابني الثّاني سندا وأنسا .
ولرفيقة قصّة مع إنجاب ابنها الثّاني ....فلماّ بلغ ابنها البكر العام من عمره , توفّي والدها فاشتدّ حزنها عليه , وصارت تتردّد على الطّبيب كثيرا , تشكو آلاما مختلفة ويخبرها الطّبيب أنّ الكآبة تفعل بها ذلك ...وبعد عامين تقريبا وحين بدأت رفيقة تقتنع بالواقع الجديد وتتعوّد على غياب والدها توفّيت أمّها ,حينئذ انهارت صحّة رفيقة وتأزّمت نفسيّتها ...وكان زوجها كعادته لا يوجد إلاّ ما بين النّوم والمقهى أو في العمل ..لم يكن يلوي على شيء ولا يعرف ماذا تعاني رفيقة ولا كيف يعيش ابنهما ..ونتيجة للظّروف الصّعبة الّتي مرّت بها وسط وحدتها ...أصيبت رفيقة بمرض مزمن أجبرها على أخذ الدّواء يوميّا وقد يكون ذلك مدى ما تبقى من الحياة وذلك وفقا طبيعة المرض ..هكذا قال الطّبيب .
وساعد الدّواء رفيقة على العودة إلى حالتها الطّبيعيّة ولحياتها وعملها , وكانت لا تنفكّ تحمد الله الّذي يمنحها الحياة كلّ يوم لتهتمّ بابنها الأوحد وتكون له أمّا وأبا وكلّ الأهل .
كانت تتردّد على الطّبيب للمراقبة ومواصلة العلاج ...وكان الطّبيب قد خبر نفسيّة رفيقة وتأكّد من إحساسها المفرط ومدى معاناتها وخوفها الشّديد على ابنها الوحيد وهوسها ...فقال لها ذات يوم : الحلّ الوحيد هو إنجاب طفل آخر يحقّق لك التّوازن النّفسي ..وأبدت رفيقة رفضا قاطعا فهي وحيدة وليس بإمكانها الاهتمام بطفل آخر وسط ظروفها الصّعبة ...أخبرها الطّبيب بأنّ الأمر مستحيل في الوقت الحالي لأنّ مرضها يعرّضها والجنين إلى الخطر ...ووعدها بعد إذن الله أن يجعل ضغط الدّم لديها يستقرّ في درجة معقولة تخّول لها الإنجاب دون أن تعرّض حياتها للخطر ... رغم أنّ المرض مزمن ولا أمل في شفاءه .
وخضعت رفيقة إلى مراقبة طبّية وحمية , والتزمت بتعليمات الطّبيب , ولم يؤل الطبيب جهدا في ذلك ...إلى أن حصلت المفاجأة حيث تمكّن الطّبيب من أن يجعل ضغط رفيقة يستقرّ مدّة عام كامل ... ثمّ وفي مرحلة موالية أمرها بالتّوقف عن الدّواء مع مراقبة شديدة وحذر كبير ... وتواصل ضغط لطيفة جيّدا جدّا مدّة طويلة ...وواصلت تتردّدها على الطّبيب للمراقبة إلى أن قال لها يوما مبشّرا : يمكنك أن تنجبي الآن طفلا لا خطر عليك ولا عليه ...كان ابنها البكر قد بلغ التّاسعة من عمره وقد ابتدأت رفيقة تسترجع أنفاسها قليلا من تعب السّنين ,,, و صارحت الطّبيب بعدم رغبتها في الإنجاب نظرا لما ينتظرها من صعوبات بسبب الوحدة , لكنّ الطّبيب توصّل إلى إقناعها بأنّها ليست وحيدة وبأنّ الله معها ونبّهها إلى الخوف الّذي يتملّكها بسبب أنّ لها ابنا وحيدا سيتحوّل إلى مرض يستبدّ بها ......وأكّد لها أنّ إنجاب ابن آخر سيحقّق لها السّعادة وأنّها فرصتها الأخيرة فقد يعود المرض عند أوّل أزمة نفسيّة ..كما حذّرها من أنّها ستندم لو تركت ابنها البكر وحيدا بدون أخ .. وذكّرها بأنّ مدّة الإنجاب في عمر المرأة محدودة ....ونجح الطّبيب في إقناع رفيقة ......
أنجبت رفيقة ولدا ثان ....وبعد ولادته مباشرة وفي مدّة النّفاس تعرّضت رفيقة إلى أزمات عديدة وصعوبات جمّة الأمر الّذي جعلها تتعرّض لأزمة صحّية خطيرة خرجت منها بمعجزة إلاهيّة وبفضل الأطباء ...وعاد إليها مرضها القديم من جديد بقوّة وإصرار ...وأخبرها الطّبيب بعد إجراء كلّ الفحوصات التّي تتعلّق بهذا المرض ..أنّها في هذه المرّة ستأخذ الدّواء مدى حياتها ...وأنّ في التّوقّف عنه خطرا عليها لأنّ ضغط الدّم الّذي تعاني منه قد سبّب في القلب عيبا خطيرا ....
وحمدت رفيقة الله أن كتب لها من فضله ابنا آخر هو الآن من يؤنسها في غياب زوجها الّذي اختار أن يعيش الغياب العائليّ ويمارس أنانيّته بكلّ الطّرق ... وفي غياب ابنها البكر الّذي رحل إلى بلد أوربي ليكمل دراسته العليا .

نسيمة اللجمي
تونس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nasima.ahlamontada.com
 
رفيقة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أركان الأديبة نسيمة اللجمي :: الأركان الأدبية :: الركن القصصي-
انتقل الى: