لها أبناء و زوج محبّ وحنون , أمّا حنانها فلا مثيل له.... لقد غمرت به كلّ من اقترب من محيطها......و كان محمّد شابّ يتيم وسيم مثقّف فنّان و أديب , تقرّب من العائلة و ناداها يا أمّي وكان له ذلك , كرع محمّد من حنانها وخوفها عليه ما أسعده و جعله يقول في كلّ حين "أنا سعيد " وكانت ترى ذلك وتسعد ... لم تكن تبخل عليه بما تمنحه لأبنائها , لكنّها ابتدأت تلاحظ تغيّرا في لهجته إذ قال لها يوما : " أنت أجمل من أن تكوني أمّا " أصرّتها في نفسها وسكتت , وفي مناسبة أخرى قال لها " ليتني عرفتك بغير لقب الأمّ " ولاحظت المسكينة أنّ نظراته تحوّلت إلى عدسات مراقبة مسلّطة عليها تتفرّسها وتقلّبها على كلّ الجوانب .شعرت ببشاعة ما يحدث, تألّمت كثيرا , لكنّها لم تجد بدّا من مواصلة الصّمت والصّبر علّه يثوب إلى رشده , لكن اتّضح لها أخيرا أنّه ذئب بشريّ تسلّل من باب الأمومة في غفلة من المبادئ والقيم ليفترس الحمل الوديع الّذي وهبه الهدوء والسّعادة والأمن , ومنحه ما لم يكن يحلم به من الطّهارة والشّرف.....إلى أن كان اليوم الّذي كشّر فيه عن أنيابه , وبرزت مخالبه , وسمعت له فحيحا ...توسّلت , بكت , استعطفته باسم الأمومة قهقه ساخرا متهكّما وصرخ فيها : " توقّفي عن مكرك , تتظاهرين بالبراءة و أنت لا تزيدين على أن تكوني امرأة " , قالت " أنا أمّك " , قال : " أنا لا أعرف ولا أعترف بهذه الكلمة الجوفاء ,أنا لم أعرف يوما الأمومة في حياتي , أمّي تركتني وتزوّجت وهي ترعى أبناءها ولا تذكرني, وأبي فعل نفس الشّيء وحبيبتي خانتني , كلّكن خائنات كاذبات " ... ورغم توسّلاتها إلآ أنّه واصل إصراره على أمر خبيث في نفسه القذرة ... استجمعت شجاعتها وصفعته على وجهه وانهارت باكية .......وخرج الشّيطان من الجنّة .
نسيمة اللجمي