نسيمة اللجمي عضوية رقم (1)
عدد المساهمات : 1138 الموقع : أركان الأديبة نسيمة اللجمي العمل/الترفيه : معلمة المزاج : الحمد لله
| موضوع: الفنّان والحمام الخميس أبريل 24, 2014 10:37 am | |
| الفنّان والحمام
.....وحطّ الرّحال في باريس ليواصل دراسة الفنون, وكأيّ عربيّ جلب انتباهه كلّ ما هو يختلف عمّا يوجد ببلده
أو بالأحرى أثار استغرابه ذلك الحمام وتلك الطّيور الّتي لا تفرّ مذعورة عندما يقترب منها الإنسان مثلما يقع في بلده أو في أيّ بلد عربيّ تقريبا . إنّ الطّيور هنا تعوّدت على الأمان، فهي لم تتعرّض يوما إلى مضايقة أحد. كان المشهد جميلا للغاية فالطّيور منتشرة في السّاحات , تحلّق بين المارّة على مسافة قاماتهم , تتقاسم معهم المكان والزّمان , حتىّ أنّها كانت لا تتوانى على أن تحطّ أحيانا على أكتاف المارة , فتجدهم يتمهّلون في مشيهم كي لا يزعجوها , وكان هذا السّلوك الرّاقي الصّادق قد جعل الطّيور تتأكّد من الأمن وتتعوّد عليه ولا تتخيّل سواه. كانت لوحة رائعة قد اجتهدت ريشة الطّبيعة في رسمها بأجمل ما لديها من تقنيات وبأبدع ما وهبها الله من ألوان. كان بعض الفنّانين يتواجدون يوميّا في مثل هذه الأماكن , يستوحون منها رسوماتهم وإبداعاتهم، ولم يكن صاحبنا الفنّان بأقلّ منهم إلهاما , فقد أوحى له مشهد الطّيور الآمنة بنوع من الفنون الّتي لا تدرّس في المعاهد , فماذا فعل ؟ أو ما هي الّلوحة الّتي رسمها هذا الفنّان ليعود بها كذكرى من بلاد الطيور الآمنة ؟ لقد كان يضع الحبّ على حافة نافذته , ولم يكن في حاجة للتخفيّ , بل كان يقف بكلّ وقاحة ينتظر , وما إن تحطّ الطّيور حتىّ يمسك بها , ولم تكن هذه الأخيرة تقاوم أبدا فما من أحد أمسك بها من قبل , أو الحق به الأذى , إلا الأيادي القذرة الّتي تشبه يده المتعفّنة , وكان يسرع بها إلى مطبخه ويذبحها ويطهوها , ولست أدري كيف كان يستطعم لحمها الممزوج بالغدر و الأمن الّلذان إذا امتزجا أسفرا عن سمّ لم يخلق إلا من اجله ومن أجل أمثاله .
لقد عاشت الطّيور وخاصّة الحمام منها زمنا أسود هو زمن وجود هذا الإنسان الوحش الحقير التّافه الّذي ديدنه الغدر والخيانة, عانت الطّيور في صمت.. كانت تعاني يومياّ , ولم يكن احد ليعلم بمعاناتها لو لا أن أراد الله أن يزيده حقارة في بلده , حيث كان هذا التّافه يحكي عن مغامراته مع الطّيور , وكيف كان يغرّر بها, ويستغلّ شعورها بالأمان الّذي كان يسميّه بلاهة وغباء , ولست أدري شخصياّ ماذا أسميّ فضحه لما كان يفعله في بلاد الغرب , أليس غباء وبلاهة ؟ الغريب انّ هذا الرّجل ليس به ذرّة من حياء , قد كان يسرد فضائحه بفخر البطل , ويبدو أنّ الغدر من ميزات هذا الأخرق ,. فها هو في موطن شغله وانطلاقا من مسؤوليّته , يواصل مع البشر ما كان يفعله مع الطذيور إلاّ أنّ طريقة الذّبح تختلف. كما أنّ ذلك السمّ العجيب اّلذي كان مزيجا من غدره ومن شعور الطّيور بالأمان والّذي كان مصرّا أن يتناوله في لحم الطّيور الّتي كان ي, سوى شرذمة من أشرار مثله , التفّوا حوله يزيدونه سوء على سوء
نسيمة اللجمي | |
|